Monday 12 January 2009

المعاني المقلوبة..في الأيام المضروبة..للكاتب الساخر يوسف معاطي





بالشبه كده‏..‏ كنت أستطيع أن أفهم مايستعصي فهمه من التعبيرات العربية الغريبة بالنسبة لي



‏..
‏ فإذا قال لي أحدهم إشي لونك‏؟.. أو شخبارك‏؟..‏ كنت أقوم بعملية تمصير فوري للكلمة إيش مثلا‏..‏ يمكن أن تكون ايه‏..‏ ايه لونك؟‏!‏ يمكن هنا






أن نترجمها‏..‏ عامل إيه‏..‏ وشخبارك تبقى: ايه الأخبار‏؟




وإذا كنا في تونس مثلا‏..‏ وقال لي أحدهم‏..‏ يعيشك‏..‏ أستطيع أن أمصرها الى‏ الله يخليك‏..‏






وحينما سألني أحدهم في تونس برضه‏:‏ انت معرس‏؟‏ لم أندهش‏..‏ رددت الكلمة فورا إلي المصدر‏..‏ وفهمت انه يسألني‏..‏ انت متزوج؟ وقلت عن طيب خاطر‏..‏ معرس طبعا




وحتى في تركيا‏..‏ برغم أنني لا أعرف اللغة التركية‏..‏ استطعت أن أفهم‏..‏ وأن أتكلم مع أصدقائي هناك بكل سلاسة‏ طالما أن لهجتنا المصرية لاتخلو برضه من تمام‏..‏ أفندم‏..‏ مضبوط‏..‏ تاكميم البيس‏.. يعني طقم ملابس‏.. تاكسيت‏..‏ تقسيط طبعا مش عاوزة فكاكة







ولهجتنا المصرية لهجة جامعة شاملة‏..‏ يفهمها كل الأشقاء العرب وكثيرا مايتكلمون بها خصوصا في مصر أو مع المصريين‏..‏






ولاشك أن الاستعمار كان هو السبب المباشر في هذا الاختلاف في اللهجات‏,‏ والذي أدي إلى اختلاف في المواقف والآراء وأوصلنا الى حالة عامة من سوء الفهم وسوء التفاهم‏.



.‏
ورغم كل شئ‏..‏ ظلت العامية المصرية‏..‏ لهجة بها كثير من الجماليات وهي الأقدر على التأثير في الأغاني والأفلام والمسرحيات




‏وفجأة‏..‏ قمنا من النوم الصبح ياعم الحاج فإذا بالناس يتكلمون بطريقة عجيبة‏..‏ قالوا شبابية‏..‏ الشفاة تتحرك بسرعة شديدة ويدلقون الكلام من أفواههم دلقا




وبصرف النظر عن الألفاظ التي أضيفت الى قاموس العامية مثل روش وطحن وبيئة واحلق ونفّض‏..‏ إلى آخره‏..




ولكن المصيبة في استخدام بعض الألفاظ التي كنا نستخدمها في أغراض عكسية




‏مثلا يعني‏..‏ كلمة:‏ فظيع هذه‏..‏ أنا علي ما أذكر كانت تعني شيئا سيئا جدا‏..‏ وفظيعا لايطاق‏..‏ أما أن تقول لي إحداهن‏: بصراحة كاظم الساهر فظيع‏..‏ وهي تعني أنها معجبة به‏..‏ فهذا شئ لا أفهمه




‏ثم تقول: عمل أغنية جامدة قوي‏..‏ وأندهش أكثر‏..‏ جامدة‏.. الجمود شئ سئ أيضا




‏ثم تقول: الكلام حلو موت.. يانهار أسود‏..‏ وهل الموت حلو؟‏!




وهكذا بدأت المعاني تنزلق من على الكلام وصارت الألفاظ القبيحة تعني الجمال




‏فهذا مطرب صايع صايع أي أنه متمكن من أدواته




وهذه مطربة سافلة‏..‏ سافلة‏..‏ أي أنها عصرية جد



ا
وهذا ملحن كافر
وهذا مخرج عربجي




وهذا مكان معفن طحن‏..‏ أي أنه مكان ستايل وروش



..
وهذه تقول لي بسعادة‏..‏ مش عارف ليه:‏ أنا أصلي كده مهيّسة على طول ‏الآنسة فخورة بعدم التركيز والمخ الضايع



‏!!
أخرى تقول لي‏: كنا بناكل تشاينيز فود إنما ايه قلة أدب‏..‏ انزعج وأسألها: وحش للدرجة دي‏..‏ ترد باستغراب‏: وحش إيه؟‏ بقولك قلة أدب‏..‏ يجنن يعني



‏..
‏وحضرته يقول لي‏: أما شفت فيلم إمبارح‏..‏ ابن كلب‏..‏ فأسأله بسذاجة: ولماذا لم يعجبك؟‏ ينظر لي مندهشا ويقول لي‏:‏ بقولك ابن كلب‏..‏ وطلع الفيلم عاجبه‏..‏ تصوروا‏. ألا توجد طريقة يعبر بها عن إعجابه سوى أن الفيلم ابن كلب؟




وهكذا يا أعزائي‏..‏ صرت أفهم اللهجة الخليجية والليبية وحتى المغربية بسهولة شديدة‏..‏ بالشبه كده‏..‏ بينما صرت عاجزا عن فهم لهجتنا المصرية الجديدة‏.



.‏
ولذا فأنني أرجوكم إذا أردتم أن تعبروا عن إعجابكم بكاتب هذا المقال مثلا‏..‏ إذا حصل هذا‏..‏ فبلاش ندخل الأب والأم في الإعجاب

No comments:

Post a Comment